Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحمايه الجنائيه للحق فى حرمه الاتصالات الشخصيه/
الناشر
محمد رشاد ابراهيم مفتاح،
المؤلف
مفتاح، محمد رشاد ابراهيم.
الموضوع
الحماية الجنائية. التجريم. الاتصالات قوانين و تشريعات. القانون الجنائى. القانون الجنائى.
تاريخ النشر
2009 .
عدد الصفحات
357 ص.؛
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 195

from 195

المستخلص

الحق فى حرمة الإتصالات الشخصية يعد من أهم حقوق الإنسان فى المجتمعات الحديثة، فهو ثمرة التطور الحضارى للمجتمع الإنسانى، وتقتضى طبيعة هذا الحق أن يحتفظ الإنسان بأسرار حياته بعيدا عن إطلاع الغير، فمن حق الفرد أن يخلو بنفسه وأن يتحدث مع من يشاء وقتما شاء دون خوف أو قلق. br وبالرغم من أهمية هذا الحق إلا أن التطورات العلمية والتكنولوجية قد ساهمت فى التعدى عليه بما أنتجته من أجهزة ووسائل استراق السمع والبصر، تلك الأجهزة التى تزداد دقتها وقدرتها وتتضاءل فى حجمها يوما بعد يوم حتى أصبحت تلك الوسائل تمثل تهديدا لهذا الحق لما لها من قدرة فائقة على اختراق الحواجز المادية وسواترالخصوصية وكشف أسرار الناس بسهولة ودون أن يشعروا. br كما أدت التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة إلى التفنن فى انتهاك الخطابات بطرق علمية غير ملحوظة. فاستعمال أشعة ليزرأو الأشعة تحت الحمراء وغيرها من الأساليب وذلك للإطلاع على محتويات الخطاب بهذا الأسلوب الحديث، يعد فى حد ذاته انتهاكا لحرمة المراسلات والحرية الشخصية للأفراد من خلال الإطلاع على أفكارهم وأسرارهم الشخصية فى الخطابات. br كما أن التنصت على المحادثات التليفونية وتسجيلها لايتطلب اتصالا فعليا بالخط التليفونى، لأن هناك مجالا كهربيا كافيا حول الخط يسهل التقاط المحادثات. وأسهل طريقه لمراقبة شخص والتنصت على أحاديثه هى أن تصل إلى جهازه وتركب جهاز التنصت داخله. ومن بين أجهزة المراقبة التليفونية الأكثر خطورة ذلك الجهاز الذى يمكن تشغيله من مسافات بعيدة بواسطة ” الهارمونيكا ”، وهذا الجهاز المسمى بالكبسولة الموسيقية يتم تثبيته فى جهاز الاستقبال لتليفون المجنى عليه ويمكن عن طريقة أن يتلقى المتنصت إشاراته على بعد آلاف الأميال – شرط أن يكون على اتصال بالسنترال – بحيث إذا طلب رقم الشخص المراقب يصدر الصوت الموسيقى عن الجهاز المراقب قبل أن يبدأ الرقيب فى التنصت أو تسجيل الحديث. ويمنع هذا الجهاز تليفون المجنى عليه من أن يدق قبل تمام اتصال الهاتف المراقب بجهاز التنصت( ). br وفى الحالات التى يكون فيها من المتعذر دخول مسكن الشخص لوضع بعض الأجهزة لمراقبته والتسجيل عليه، من الممكن وضع بعض الأجهزة الدقيقة جدا خارج منزل المراقب، وعندما تصطدم الأمواج الصوتية المنبعثة من الأصوات التى تدورداخل المنزل بالجدار فإن مثل هذا الجهاز يمكنه أن يلتقط تلك التردادت التى تحدثها هذه الأصوات، ومن ثم يمكن تسجيلها( ). br ونتيجة لهذا التطور التقنى الهائل أصبح الإنسان عاريا أمام وسائل التدخل المتطورة التى تملكها الدول وخاصة الأجهزة الأمنية فى محاولة للتجسس على الأفراد، وفضح أسرارهم، واستخدامها كوسائل ضغط وتهديد فى غالب الأحيان ضد المعارضين، وهذا يشكل تدخلا سافرا وتعديا مباشرا على حياة الفرد الخاصة. هذا بالإضافة إلى أن الأوضاع الأمنية السائدة فى عدد كبير من البلدان ولاسيما أعمال الإرهاب، وحوادث تفجير السيارات، وتهريب المخدرات والأسلحة تجبر السلطة التنفيذية – فى الأحوال التى توجب فيها دقة التحقيقات وخطورة تلك الجرائم – اللجوء إلى وسيلة التنصت والمراقبة للحد من هذه الجرائم، والحصول على الحد الأدنى من المعلومات والقرائن التى بإمكانها مساعدة المصالح الأمنية على إكتشاف الجريمة قبل حدوثها. br وبذلك نجد أن التطور العلمى بالرغم من دوره الإيجابى فى تقدم المجتمعات وتطويرها، إلا أن دوره السلبى فى تطوير وسائل التنصت والمراقبة أصبح خطرا يهدد حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هذا التهديد لم يقف عند حد معين بل أنه يتزايد بمعدلات سريعة لدرجة أن الحاجة لم تعد ماسة لمسكنات قانونية، ولكنها تدعوا إلى حماية أصيلة فى هذا المجال. br ولم يقتصر تهديد الحق فى حرمة الاتصالات الشخصية على ذلك الذى يتم من جانب الدولة، بل امتد إلى الأفراد فى علاقاتهم مع بعضهم البعض، ولقد ساهم فى ذلك تعدد استخدام شبكة الإنترنت الذى أصبح يتزايد بشكل غير مسبوق، حيث فتحت تقنيات هذه الشبكة آفاقا جديدة ومجالات مبتكرة امتدت حتى شملت مختلف المجالات والعديد من الأنشطة، وكان من أهم أخطار هذا المولود العملاق ظهور جرائم لم تكن موجودة من قبل وبات القائمون على تطبيق القوانين الذين عهد إليهم بحماية العدالة فى الأرض أمام مأزق حقيقى بين تطبيق النصوص العقابية القائمة، أو التدخل لسن تشريعات جديدة لمواجهة النقص التشريعى، أم الوقوف مكتوفى الأيدى أمام فراغ تشريعى ويتركون بدون عقاب أفعالا إجرامية جديدة رغم خطورتها، أم يسمحوا للقضاء بأن يتدخل لسد هذا النقص بما ينطوى عليه ذلك من انتهاك لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات( ). br ولما كان الحق فى حرمة الاتصالات الشخصية ليس حقا مطلقا – كغيره من الحقوق والحريات الفردية – لذلك تقتضى ضرورات مكافحة الجريمة وكشفها حماية حق المجتمع فى الأمن والنظام العام لكونه أولى بالرعاية من حق الفرد فى الخصوصية. br ولكن حتى لا تتخذ أجهزة السلطة العامة مكافحة الجريمة وحماية الأمن ذريعة للافتئات على حرمة الحياة الخاصة يتعين أن يخضع التنصت على المحادثات ومراقبة المراسلات لترخيص من السلطة القضائية المختصة بناء على أسباب معقولة تؤكد أن وسائل التحرى العادية قد فشلت، أو ليس فى إمكانها الحصول على دليل الإثبات المطلوب، وأن التنصت على المحادثات ومراقبة المراسلات يساعد على إظهار الحقيقة. br ولقد جرَََََم الشارع الفرنسى أفعال المساس بالحق فى حرمة الاتصالات الشخصية فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الجديد رقم 92-1336 الصادر فى 16 ديسمبر سنة 1992 والذى دخل حيز التنفيذ ابتداء من أول مارس سنة 1994 والذى يحمل عنوان ” الإعتداء على الحريات الشخصية ”. فخصص الجزء الأول من هذا الباب لتجريم المساس بالحق فى حرمة الحياة الخاصة الناجم عن الإعتداء على حرمة الحديث الخاص فى المادة (226- 1 فقرة أولى ) من قانون العقوبات الجديد والتى تجرم استماع أو تسجيل أو نقل الأحاديث الخاصة، والمادة ( 226 -3 ) والتى تجرم تصنيع أو استيراد أو توزيع أجهزة تستخدم فى التسجيل غير المشروع للمحادثات، وخصص الجزء الثانى لتجريم نشرمونتاج لشخص دون رضائه ( المادة 226-8 ). وفى قانون الإجراءات الجنائية أورد المشرع الفرنسى العديد من النصوص لتنظيم كيفية وشروط المساس بالحق فى حرمة الإتصالات الشخصية فى الأحوال المقررة قانونا وهذه النصوص هى ( المواد 81، 100/1، 100/2، 100/6 من قانون الإجراءات الجنائية ). br وبالنسبة لمصر، فلقد نص الدستور المصرى الصادر عام 1971 فى المادة 45 فى فقرتها الثانية على أنه ( للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ولايجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محدودة وفقا لأحكام القانون ). واستجابة لهذا النص الدستورى جرًم المشرع المصرى استراق السمع أو تسجيل أو نقل المحادثات الخاصة وذلك بموجب المادة 309 مكرر فقرة أ، وإذاعة أو استعمال التسجيل أو المستند وذلك بموجب المادة 309 مكرر أ من قانون العقوبات. br وفى قانون الإجراءات الجنائية أورد الشارع المصرى العديد من النصوص لتنظيم كيفية وشروط المساس بالحق فى حرمة الاتصالات الشخصية وهى النصوص التى تنظم كيفية وشروط ضبط المراسلات البريدية والبرقية والاطلاع عليها ومراقبة المحادثات التليفونية وتسجيلها (المواد 95، 95مكرره، 97، 206 من قانون الإجراءات الجنائية). br وإذا كانت التشريعات المختلفة قد أجازت المساس بحريات الأفراد فى حدود معينة بهدف معرفة الحقيقة، إلا أنها قد أحاطت هذا المساس بضمانات وحدود يجب احترامها حتى لا يتغلب جانب سلطة العقاب على جانب احترام الحريات، ولهذا فقد حرصت أغلب التشريعات على وضع حدود لسلطة القاضى الجنائى فى قبول الأدلة حتى لاتنحصر مهمته فى مجرد إثبات سلطة الدولة فى العقاب بغض النظر عن احترام الضمانات التى أقرها القانون حفاظا على حرية المتهم بوصفه بريئا إلى أن تثبت إدانته بحكم بات.