Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أثر الفلسفة اليونانية فى الفكر المسيحى المبكر/
الناشر
جامعة الإسكندرية.كلية الآداب.قسم الآثار و الدراسات اليونانية و الرومانية.
المؤلف
رؤوف,ماسة أسامة أحمد
تاريخ النشر
2007
عدد الصفحات
328 ص.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 345

from 345

المستخلص

1- ان نتائج البحث فى الفصل الأول الذى تتناول فيه الباحثة أثر الفلاسفة اليونان أمثال هيراقليطوس
وفيثاغورس و أكسينوفانيس وأناكساجوراس وأفلاطون وأرسطو على الفكر المسيحى المبكر تكشف عن ان أثر كل واحد من هؤلاء فى الفكر المسيحى يتفاوت فى درجاته بحسب مذهب الفيلسوف ومقدار اهتمامه بالمفاهيم الإنسانية و الأخلاقية التى تنص عليها فى الغالب كافة الأديان والدين المسيحى على وجه الخصوص باعتباره موضوع البحث0 وقبل ان أحدد أهم نتائج هذا الفصل وفقاً لهذا المعيار تكرر الباحثة ما ذكرته فى المقدمة من انها لا تسعى لإدراك المطابقة بين الفلسفة اليونانية والفكر المسيحى بقدر ما تسعى نحو إبراز أوجه الشبه بين مفاهيم وأفكار معينة فى الفلسفة اليونانية والفكر المسيحى المبكر مما قد يعلى من قيمة هذه الفلسفة وليس الدين بطبيعة الحال بوصفه شريعة منزلة من السماء 0
فلقد لاحظنا فى الفصل الأول من هذه الدراسة ان مفاهيم مثل اللوجوس و الحكمة والزهد كانت من أهم المفاهيم التى تفرض علينا البحث فيما إذا كان هيراقليطوس مبشراً قبل المسيحية باللوجوس الذى كان عنده قانوناً ذاتياً ينطوى عليه الكون بأسره أو بمعنى آخر قانوناً ذاتياً يحكم العالم كله واللوجوس الذى وصفه المسيحيون بانه كلمة الله التى أطلقها لكى يخلق العالم عن طريقها 0 كما لاحظت الباحثة انه من الممكن ان تقرب بين معنى الحكمة عند هيراقليطوس ومعناها فى المسيحية والفكر المسيحى خاصةً المبكر0 ولما كان هيراقليطوس يُعد رائداً للمدرسة الكلبية التى وضعت الزهد فى مقدمة أولوياتها وبصرف النظر عما توصف به هذه المدرسة بالإفراط والمبالغة فى هذا الزهد فمن الطبيعى ان نحاول استنتاج علاقة ما بين مفهوم الزهد عنده و مفهوم الزهد فى الفكر المسيحى 0 وإذا كنا لا نقول مع القائلين ان هيراقليطوس كان لهذه الأسباب مسيحياً قبل المسيحية فاننا يمكن على الأقل ان نقول ان بمذهب هيراقليطوس مفاهيم قريبة الشبه مما جاء بالمسيحية ومن ثم فلا بأس من ان تلفت النظر إليها وتستوقف الباحثين عندها0

لقد أرادت الباحثة ان تتوصل إلى نتيجة مؤداها ان فيثاغورس بوصفه رائداً لفرقة دينية وفى نفس الوقت بوصفه فيلسوفاً صاحب مذهب فى الطبيعة والأخلاق والنفس فضلاً عن انه كان قديساً وصفه اتباعه بانه قد بلغ مرتبة النبوة كانت تعاليمه شديدة الشبه بالتعاليم المسيحية وهو ما حاولت الباحثة إثباته فى الفصل الأول أيضاً من خلال مقابلة طقوس دينية لدى فيثاغورس كان لها أهمية كبرى بطقوس دينية مشابهه لها فى المسيحية مثل التطهير والتعميد وكذلك من خلال مقابلة تعاليم فيثاغورية تشتمل على قائمة من التحريمات لم تكن فى الواقع بعيدة عن ما تحرمه المسيحية أو ما كان يمارسه الرهبان المسيحيون فى الأديرة مما يتشابه مع إلتزام أعضاء المدرسة الفيثاغورية بتحريمات معينة فرضها فيثاغورس وصار عليها اتباعه وتناقلوها جيلاً بعد آخر0 واعتمدت الباحثة فى تأكيد هذه النتيجة على إحياء الفيثاغورية فى القرنين الأول والثانى الميلاديين مما عُرف بالفيثاغورية الجديدة خاصةً ان إحياء القيثاغورية فى هذين القرنين وما بعدهما كان متزامناً مع وجود المسيحية 0
لقد لفت انتباه الباحثة تقارباً من نوع خاص بين اكسينوفانيس والمسيحية فيما يتعلق بالألوهية ، فكلاهما دعا إلى التوحيد ومما لا شك فيه ان المسيحية تقوم على عقيدة التوحيد، و فكلاهما نادى أيضاً بصفتى التنزيه والتسامى للإله0
وفيما يتعلق بأناكساجوراس ارتأت الباحثة انه قد يكون هناك تشابهاً بين العقل ὁ́ الذى وضعه أناكساجوراس فوق كل مادة ومتسامياً على كل مادة واعتبره المبدأ الأول لجميع الأشياء وبين اللوجوس ὁ́ الذى يضم من بين معانيه أيضاً معنى العقل مع التسليم بالصفات المتعددة المنسوبة إلى اللوجوس ولكن يمكن ان نقبل الربط بين العقل عند هيراقليطوس والعقل عند أناكساجوراس ومن ثم عند المسيحيين على اعتبار واحد فقط نراه هاماً وهو ان العقل عندهم جميعاً المبدأ الأول وراء خلق العالم بأسره0 هكذا كان أهم الفلاسفة فى مرحلة ما قبل سقراط تأثيراً فى الفكر المسيحى المبكر وهم هيراقليطوس وفيثاغورس واكسينوفانيس و أناكساجوراس ان جاز لنا ان نصف القرابة بينهم وبين الفكر المسيحى بانها تأثيرمنهم وحتى ولو غير مباشر0
وعندما حاولت الباحثة الكشف عن أوجه الشبه بين مفاهيم وأفكار وردت بمذهب أفلاطون وبين مثيلاتها فى المسيحية لفت انتباهها تقدير المسيحيين لأفلاطون الذى استحوذ على اهتمام عدد كبير من العلماء والدارسين المحدثين ، وكذلك النزعة الروحانية التى تميز بها أفلاطون بصفة عامة وكان أهم ما استرعى انتباه المسيحيين فى فلسفة أفلاطون ذلك التمييز الواضح بين العالم المعقول والعالم المحسوس حيث كانت المسيحية تنادى بضرورة النظر إلى الأشياء التى لا يمكن رؤيتها إشارةً إلى ازدراء العالم المحسوس وتبجيل وتقدير العالم المعقول 0 ويشترك المسيحيون مع أفلاطون فى وصف الإله بانه خير وخالى من كل أنواع الشر ويسيطر على كل الأشياء وهو العقل والمحبة ومما يؤكد على اتفاق المسيحيين مع أفلاطون فى ان الله إنما خلق العالم على غراره وعلى شاكلته انه خلق الإنسان على صورته وعلى صورة الله خلقه 0 وخلاصة القول ان المسيحيين فى هذا الجانب يتشابهون مع أفلاطون فى الإيمان بنظرية المثل 0
وفى مجال الأخلاق رأينا ان فكرة أفلاطون عن الفيلسوف بوصفه النموذج المثالى للإنسان تتشابه مع تعاليم المسيحية التى ترى ان من يحب الحكمة والحق والعدل والخير هو النموذج المثالى بين الناس0 ولقد حاولنا اكتشاف علاقة ما بين نظرية أفلاطون بوصفه واضع قانون العقوبات وبين الفكر المسيحى فيما يتعلق بنظرية الثواب والعقاب 0 فضلاً عن ان الباحثة حاولت التقريب بين المفاهيم والأفكار التى وردت فى كتاب ” مدينة الله ” للقديس أوغسطين وبين النزعة الروحانية عند أفلاطون فى محاولة لتتبع أى أثر لهذا الفيلسوف اليونانى على القديس أوغسطين 0 وسوف يكتمل الأثر الأفلاطونى على أوغسطين بالبحث عن ما إذا كان للأفلاطونية المحدثة ومؤسسها أفلوطين أثر عليها0
على ان أكثر محاورات أفلاطون تأثيراً فى الفكر المسيحى هى محاورة ” تيماوس ” التى حدد فيها أفلاطون الصانع بوصفه خالقاً لنموذج كامل و تام صنع على غراره العالم المحسوس0 وجديرٌ بالذكر ان الباحثة قد حاولت الوقوف على مدى التشابه بين محاورة ”تيماوس” وسفر التكوين كما توصلت الباحثة إلى انه كما كان سقراط مثالاً للتضيحة والفداء فى مجتمع وثنى متعدد الآلهة ، كان السيد المسيح عليه السلام مثالاً للتضيحة والفداء أيضاً بالنسبة للمسيحيين الذين يؤمنون بديانة وعقيدة سماوية منزلة 0
ومن المبادئ المشتركة الأخرى بين أفلاطون والمسيحيين الدعوة إلى خلود النفس فمما لا شك فيه ان هذه الدعوة لدى أفلاطون كانت تمثل خلفية أساسية البنية للمسيحيين الذين سوف يستفيدون منها بالقطع فيما يتعلق بمسألة الثواب والعقاب 0 ولقد حاولت الباحثة ان تستفيد من أدلة أفلاطون على خلود النفس فى الربط بين نظريته فى هذا المجال وبين دعوة المسيحيين إلى نفس المبدأ0 ومما لا شك فيه ان ثنائية أفلاطون التى تظهر كنتيجة حتمية لنظريته فى المثل قد نجد لها صدى فى المسيحية حيث ان مفهومه فى ثنائية العالم يظهر بوضوح شديد عند كتاب اناجيل العهد الجديد0 وبخصوص السيد المسيح نفسه عيسى عليه السلام ، فإن الكتاب المشتركين فى كتابة العهد الجديد وكذلك القديس يوحنا أكدوا جميعاً على اعتقاد راسخ بان السيد المسيح عيسى عليه السلام كان تجسيد للإله0
وبالبحث فيما إذا كان لأرسطو أثر فى الفكر المسيحى فقد اتفقت الباحثة فى نتائجها حول هذه النقطة مع المراجع الأوروبية الحديثة التى أكدت على أثر محدود لأرسطو على الفكر المسيحى ولذلك فلم يتعدى الأثر الأرسطى فى المسيحية وجود أصداء لنظرية المادة والصورة وكذلك لنظرية أرسطو للخير الأسمى 0أما فيما يتعلق بنظرية أرسطو فى المادة والصورة فمما لا شك فيه ان فكرة أرسطو فى الصورة الوحيدة المفارقة للمادة وهى الله تتطابق مع مفهوم المسيحية للإله بوصفه منزهاً عن المادة، وأما فيما يتعلق بالخير الأسمى وهو النقطة الرئيسية التى يمكن ان تكون ذات تأثير على الفكر المسيحى فى مجال الأخلاق فقد لاحظت الباحثة قدراً كبيراً من التشابه بين نظرية أرسطو فى الخير الأسمى والمفهوم المسيحى له حيث ان كلاهما يحدد مفهوم الخير الأسمى بما يتفق مع نزعة التصوف الناشئة عن هذا المفهوم فكما يرفض أرسطو ان تكون اللذة أو الثروة أو المنصب الشرفى مصدراً للسعادة وينتهى إلى ان حياة التأمل هى المصدر الأول لتحقيق هذه السعادة فإن ذلك هو نفسه موقف المسيحيين سواء فيما يتعلق بدعوتهم إلى الزهد فى الخيرات المادية الخارجية أو فيما يتعلق بالتصوف على أساس انه يتفق مع الحكمة والتأمل 0